مآذن المسجد النبوي

بواسطة Admin
50 الاراء
مآذن المسجد النبوي

نبذة عن تاريخ الأذان :

كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يؤمر بالأذان ينادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصلاة جامعة، فيجتمع الناس، فلما صرفت القبلة إلى الكعبة، أُمر بالأذان، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أهمّه أمر الأذان ، فذكر بعض المسلمين أشياء يجمعون بها الناس للصلاة، فقال بعضهم: البوق، وقال بعضهم : الناقوس، فبينما هم على ذلك  (أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن زيد الخزرجي رضي الله عنه فقال له: إنه طاف بي هذه الليلة طائف، مرَّ بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً في يده فقلت له: أتبيع هذا الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت ندعو به إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قال : قلت : وما هو ؟ قال : تقول: الله أكبر الله أكبر-إلى آخر الأذان-فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: إنها رؤيا حق إنْ شاء الله ، فقم مع بلال فألقها عليه، فليؤذن بها، فإنه أندى منك صوتاً. فلما أذن بها بلال ، سمعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته، فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه، وهو يقول : يا نبي الله ، والذي بعثك بالحق ، لقد رأيت مثل الذي رأى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “فلله الحمد” ) ، سنن أبي داود (1/ 136) واللفظ له ، السنن الكبرى للبيهقي (1/ 612) وقال الألباني في  إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/ 265) قلت: وهذا إسناد حسن , فقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث فزالت شبهة تدليسه , وأخرجه الترمذى (1/358 ـ 360) وقال: ” حديث حسن صحيح “.

مآذن المسجد النبوي :

مما ينبغي أن يعلم أنه لم يكن للمسجد النبوي الشريف في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد خلفائه الراشدين مآذن (منائر).

وإنما كان المؤذن يصعد على شيء مرتفع ؛ فقد كان بلال بن رباح رضي الله عنه يؤذن للفجر من فوق بيت امرأة من بني النجار.

( عن امرأة من بني النجار قالت : كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن الفجر عليه كل غداة ، فيأتي بسحر، فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال : اللهم إني أحمدك .. واستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت ثم يؤذن).السنن الكبرى للبيهقي (1/ 625)،الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (24/ 493)،إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل وحسنه (1/ 246)
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يسمع مدى صوت المؤذن، جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة»، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صحيح البخاري (1/ 125).

مما سبق يتبين أن الحاجة إلى رفع الأذان من مكان عال ، دفعت المسلمين في المدينة المنورة إلى الانتقال بوضع الأذان من مستوى سطح المسجد إلى سطح أعلى المنازل المجاورة، ثم إلى سطح المسجد النبوي فيما بعد، مع بناء شيء يزيد من ارتفاعه، ثم إلى اتخاذ المآذن على مختلف ارتفاعاتها.(عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ ص74-75).

المئاذن في المسجد النبوي :

أول مئذنة بالمسجد النبوي:

أول من أحدث المئذنة (المنارة) عمر بن عبدالعزيز في عمارة الوليد بن عبد الملك للمسجد النبوي الشريف، فجعل في كل ركن من أركان المسجد مئذنة.

قال كثير بن حفص: وكانت إحدى المنارات الأربع مطلة على بيت مروان بن الحكم،  فأمر سليمان بهدم هذه المئذنة، فهدمت حتى سويت بظهر المسجد.

وظل المسجد النبوي الشريف بالمنارات الثلاث، وحدد ابن زبالة طول كل منارة إذ يقول:

  • طول المنارة الجنوبية الشرقية خمسة وخمسون ذراعاً(27.5م).
  • طول المنارة الشمالية الشرقية خمسة وخمسون ذراعاً(27.5م).
  • طول المنارة الشمالية الغربية ثلاثة وخمسون ذراعاً(26.5م).

كذلك حدد  عرض المنارات، فقال: بأن عرض كل منارة ثمانية أذرع في ثمانية أذرع(4م×4م).

وظلت هذه المنارات الثلاث حتى عام 580هـ/1184م عند زيارة ابن جبير للمدينة المنورة.

وفي عهد السلطان الأشرف قايتباي عمل مئذنة صغيرة بين باب السلام وباب الرحمة عرفت بعد ذلك بمئذنة باب الرحمة. وأثناء ترميمه للمسجد النبوي تبين وجود شرخ بالمئذنة الجنوبية الشرقية (الرئيسية)، فهدمت المئذنة إلى أساسها وحفر حتى بلغ منسوب المياه، وعمل لها أساس قوي بالحجارة البازلتية،-وهي المئذنة التي نراها اليوم- وقد بلغ ارتفاع هذه المئذنة (120) ذراعاً (60متراً).

وفي العهد العثماني التركي هدمت المئذنة الشمالية الشرقية (السنجارية) وأقيمت مكانها المئذنة السليمانية وكان عمق أساسها ثلاثة عشر ذراعاً بذراع العمل ، أي ما يعادل (8.53م) وعرض الأساس سبعة أذرع في سبعة أذرع، أي مايعادل (4.59م). وكان عرضها على سطح الأرض (6×6) أذرع أي (3.93م).

وبعد توسعة السلطان  المجيد أصبح للمسجد النبوي خمس مآذن :

1) المنارة الشمالية الغربية: وعرفت في ذلك الوقت بالمجيدية نسبة إلى السلطان عبد المجيد الذي جددها في عمارتها وجعلها على رسم منائر الأستانة بثلاث شرفات، ثم أزيلت في العمارة السعودية الأولى وبني بدلها منارة على أجمل وأحدث طراز.

2) المنارة الشمالية الشرقية: وسميت بالسنجارية، وقد أزيلت هذه المنارة في العمارة السعودية وبني بدلاً منها منارة على شكل لم يسبق في الإبداع .

3) المنارة الجنوبية الشرقية: وتعرف بالرئيسية وتحمل هذا الاسم حتى وقتنا الحاضر، وهي المنارة المجاورة للقبة الخضراء، وتقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد، وهي التي عمَّرها الأشرف قايتباي ثلاث مرات عام 886هـ، 888هـ، 892هـ، ونزل في أساسها إلى الماء واتخذ لها حجارة سوداء وزاد في طولها إلى (120) ذراعاً (60متراً )، ولازالت حتى الآن على عمارة قايتباي، وتقوم الحكومة السعودية بتجديدها من وقت لآخر حتى تبقى في أجمل صورة وأروع منظر.

4) المنارة الجنوبية الغربية: وتسمى منارة باب السلام، وهي من عمارة الناصر محمد بن قلاوون سنة 706هـ ـ كما رواه المطري ـ ، وهذه المنارة لازالت قائمة يزيد من الحفاظ عليها ما تبذله الحكومة السعودية من تجديدها من وقت لآخر للبقاء على رونقها وجمالها.
5) المنارة الغربية: وتسمى منارة باب الرحمة، بناها الأشرف قايتباي سنة 888هـ وبنيت خارج جدار المسجد النبوي الشريف ملاصقة للمدرسة المحمودية التي كانت هناك، وقد أزيلت في العمارة السعودية الأولى.

منائر  المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الأولى:

أصبحت منائر المسجد النبوي الشريف في العمارة السعودية الأولى 1370-1375هـ، أربع منائر؛ حيث أزيلت (المنارة الشمالية الغربية )، و (المنارة الشمالية الشرقية ) و (منارة باب الرحمة). وبني بدلاً منها منارتان، إحداهما في الجهة الشمالية الشرقية والأخرى في الجهة الشمالية الغربية، وتتميز إنشاءات المنائر في التوسعة السعودية الأولى بما يلي :

أولاً: يبلغ عمق كل منارة (17م) وارتفاعها (70م):
ثانياً: تتكون كل منارة من أربعة طوابق كما يلي:

  1. الطابق الأول السفلي:  مربع ويستمر أعلى سطح المسجد، وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاه شرفة مربعة.
  2. الطابق الثاني:  مثمن، زين بعقود تنتهي بشكل مثلثات، وينتهي في أعلاه بمقرنصات تعلوها شرفة.
  3. الطابق الثالث:  مستدير بنفس ارتفاع الطابق الثاني تقريباً حلّي بدالات ملونة، وينتهي بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة دائرية.
  4. الطابق الرابع: (الجوسق)  رُفع  قليلاً حيث عمل له طابق خامس بشكل خوذة مضلعة تنتهي بشكل شبه مخروطي يعلوه قبة بصلية، وينتهي من أعلى بمقرنصات أيضاً تعلوها شرفة.

منائر المسجد النبوي الشريف في التوسعة السعودية الثانية:

اشتملت التوسعة السعودية الثانية على ست منارات جديدة ارتفاع كل منها حوالي (104م) أي بزيادة (32) متراً عن ارتفاع المنارات في التوسعة السعودية الأولى. وبذلك يكون للمسجد بعد التوسعة عشر منارات. ولقد تم تصميم هذه المنارات بحيث تتناسق مع منارات التوسعة السعودية الأولى وفق أحدث النظم الهندسية، وقد بلغ عمق كل منارة (50.45) متراً.

ووزعت هذه المنارات على كامل التوسعة، بحيث يوجد منارة في كل ركن من أركان التوسعة الجديدة، أربع منارات في الواجهة الشمالية، واحدة في الركن الشمالي الشرقي، وأخرى في الركن الشمالي الغربي، واثنتان في منتصف الجانب الشمال أعلى البوابة الوسطى (باب الملك فهد)، ومنارة في الركن الجنوبي الشرقي، وأخرى في الركن الجنوبي الغربي،وتحتوي كل منارة على خمسة طوابق؛ توضيحها كما يلي:

  1. الطابق الأول من المنارة : ويمثل القاعدة للمنارة، وهي مربعة الشكل، ضلع هذا(5.5م) وارتفاعه (27) متراً بحيث يستمر هذا المربع بطول ارتفاع مبنى المسجد ثم يعلو السطح، ويلاحظ وجود شريط طولي محفور، به عدة نوافذ صغيرة من الجانبين الظاهرين من المنارة، وقد تم زخرفة هذا الشريط بزخارف بطوله، كما تم تكسية جزء القاعدة بنفس التكسية الخارجية لمبنى الحرم، وهو الذي أدى إلى الشعور العام في التناسق المحسوس من الخارج. ثم تأتي الأحزمة المزخرفة مكونة بداية النهاية للقاعدة، فنجد حزاماً عريضاً به زخارف هندسية، يليه حزام آخر بزخارف نباتية ثم تبدأ الكرنشة لتنسيق المقرنصات التي تهيء إطلالة الشرفة الأولى ، وبالتأمل في المقرنصات نجد أنها جعلت من طبقات واضحة يتخللها تجاويف مزينة بزخارف نباتية.
  2. الطابق الثاني: وهو مثمن قطره (5.5م) وارتفاعه متران. يبدأ من أعلى الشرفة السابقة المربعة ويستمر بارتفاع مترواحد، وبالتأمل في هذا الجزء يمكن ملاحظة المثمن على درجات مختلفة من الظهور، فالجزء السفلي منه مثمن مضلع بسيط في تكسيته، ويوجد في هذا الجزء فتحة إلى الشرفة،وذلك لاستعمالها عند الحاجة،والجزء الأوسط ويمثل جزء العقود المحمولة مع أعمدة رفيعة، ويمثل مجموع الأعمدة الثلاثة في ركن المثمن عنصراً يعكس التحول القادم في الطابق الثالث المستدير، ويتمثل تزيين هذا الجزء في العقود التي تنتهي بشكل مثلثات، ويظهر في خلفية العقود أرضية داكنة ونوافذ زجاجية طويلة جعلت بحلوق بيضاء مزركشة، وقد حُلِّيت العقود بحزام فيه سلسلة متعرجة بارزة، والجزء الأعلى من هذا الطابق يظهر شكل المثمن مرة أخرى مع وجود فتحات دائرية في كل ضلع محاطة بإطار بارز، وقد تم تكسية هذا الجزء بأرضية بيضاء، وينتهي هذا الجزء بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة مثمنة.
  3. الطابق الثالث: وهو اسطواني الشكل قطره (5م) وارتفاعه (18) متراً ويبدأ من أعلى الشرفة الثانية ويستمر بارتفاع مترواحد، وقد تم تكسية أرضيته بلون رصاصي داكن، وحلي بدالات بارزة مموجة تقوم بعمل الأحزمة ويبلغ عددها اثني عشر حزاماً، وينتهي هذا الطابق بمقرنصات مكونة من طابقين تحمل شرفة مستديرة،ويعتبر هذا الطابق من الأجزاء المصمته والتي تعكس قوة تحمل الأجزاء العلوية.
  4. الطابق الرابع: وهو اسطواني الشكل قطره (4.5م) وارتفاعه (15) متراً ويشكل العنق؛ من حيث الأعمدة الرخامية والأقواس الثمانية المثلثة الرؤوس البارزة، وجميع تشكيلها يحيط بعصب السلم الدائري، ويعلو هذا الجزء أيضاً مقرنصات في طابقين تحمل شرفة دائرية أصغر من سابقتها.
  5. الطابق الخامس: وهو اسطواني الشكل قطره (4.5م) وارتفاعه (12)متراً ، ويبدأ من أعلى الشرفة السابقة، ويمكن تقسيمه إلى عدة عناصرحيث يبدأ ببناء اسطواني مضلع ينتهي بتاج مشرشف يكون شرفة صغيرة تحمل الجزء العلوي والذي يبدأ ببناء مخروطي تعلوه قبة بصلية هي الأساس لقاعدة الهلال البرونزي المطلي بالذهب عيار (24)قيراطاً، ويصل ارتفاعه إلى حوالي (6) أمتار ويبلغ وزنه حوالي (4.5)طن ليعلن انتهاء المنارة.

وبالتأمل في منائر المسجد النبوي الشريف نجد أن له لمسة جمالية أخرى أضيفت إليه وذلك باستخدام الإنارة الصناعية والتي أضفت تأثيراً على البناء الشامخ؛ حيث إن الضوء المشع إلى أعلى يحيط بالمنارة، وكأنه يصعد بها إلى أعلى الفضاء؛ وذلك بتركيب جهاز يعمل بأشعة الليزر وضع على منسوب (86) متراً تقريباً لإعطاء حزمة ضوئية تحدد اتجاه القبلة على مساحة (50) كيلاً تقريباً.


المصدر: المركز الاعلامي للهيئة

You may also like

اترك تعليقا

جميع الحقوق محفوظة وكالة شؤون الأئمة والمؤذنين © 2024

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More